متابعة / طارق بدراوى
شارع إبراهيم باشا والذى تغير إسمه إلي شارع الجمهورية بعد ثورة عام 1952م يعد من أهم الشوارع التجارية بوسط القاهرة وإبراهيم باشا هو اﻹبن اﻷكبر لمحمد علي باشا الكبير مؤسس مصر الحديثة والقائد المغوار الذى قاد الجيش المصرى في الفتوحات العظيمة في النصف اﻷول من القرن التاسع عشر الميلادى في الشام وفي جنوب مصر حتي منابع النيل وكاد أن يسقط الدولة العثمانية ويصل إلي عاصمتها الاستانة عام 1833م لولا تدخل الدول الأوروبية لإنقاذ الدولة العثمانية من السقوط والانهيار والذى حكم مصر بعد عزل والده لعدة شهور خﻻل عام 1848م وبالتحديد من شهر مارس عام 1848م حتي شهر نوفمبر عام 1848م وتوفي قبل والده بعدة شهور وكان سنه حوالي 59 سنة فهو من مواليد عام 1789م وتولي الحكم بعده أكبر أفراد الأسرة العلوية سنا وكان عباس باشا الأول إبن شقيقه طوسون باشا
وكان لإبراهيم باشا ثلاثة أبناء غير أشقاء حيث كانوا من 3 زوجات الأكبر هو الأمير أحمد رفعت من زوجته شيوكار هانم والأوسط هو الأمير إسماعيل من زوجته خوشيار هانم والذى أصبح فيما بعد الخديوى إسماعيل والأصغر هو الأمير مصطفي فاضل من زوجته ألفت هانم ومن تصاريف القدر أن ولي عهد محمد سعيد باشا إبن محمد علي باشا والذى تولي الحكم بعد عباس باشا الأول كان الأمير أحمد رفعت لكنه تعرض لحادث أثناء عودته بالقطار من الإسكندرية هو وحاشيته بصحبة الأمير محمد عبد الحليم إبن محمد علي باشا بعد حضورهم حفل كان قد دعاهم إليه محمد سعيد باشا وكان من المفترض تواجد الأمير إسماعيل معهم إلا أنه أعتذر لمرضه وحيث أن الكبارى العابرة للنيل عند بنها وكفر الزيات كان لم يتم تشييدها بعد فكانت عربات القطار يتم نقلها عبر النيل علي مراكب معدة خصيصا لهذا الغرض فحدث أن انقلبت العربة التي يستقلها الأمير أحمد رفعت في النيل بمن فيها عند كفر الزيات ونظرا لسمنته لم يستطع الخروج منها فمات غريقا بينما نجا الأمير محمد عبد الحليم نظرا لنحافته فاستطاع الخروج من العربة وسبح إلي الشاطئ وعليه انتقلت ولاية العهد للأمير إسماعيل والذى تولي الحكم بعد وفاة محمد سعيد باشا في شهر يناير عام 1863م وأصبح الخديوى إسماعيل وجدير بالذكر أن جميع من تولوا حكم مصر بعد ذلك من ذرية الخديوى إسماعيل إبن إبراهيم باشا ثلاثة من أبنائه هم الخديوى توفيق والسلطان حسين كامل والملك فؤاد واثنان من أحفاده هما الخديوى عباس حلمي الثاني والملك فاروق
ويمتد الشارع من أمام قصر عابدين حتي ميدان اﻷوبرا الذى يتوسطه تمثال ﻹبراهيم باشا ممتطيا فرسه مايزال موجودا حتي اليوم في مواحهة دار اﻷوبرا القديمة والتي إحترقت في أوائل السبعينيات من القرن العشرين الماضي وبني مكانها جراج متعدد الطوابق وكان الخديوى إسماعيل إبن إبراهيم باشا هو أول من فكر في تجميل الميادين بوضع تماثيل العظماء في وسطها وكان أول تمثالين يتم صنعهما تمثال لأبيه تم وضعه في ميدان الأوبرا بالقاهرة وتمثال لجده محمد علي باشا تم وضعه في ميدان المنشية بالإسكندرية
وبعد الميدان يمتد الشارع حتي ميدان باب الحديد والذى تغير إسمه إلي ميدان رمسيس بعد ذلك والذى تقع به محطة القطارات الرئيسية المسماة محطة مصر ومن أهم المعالم في هذا الشارع جامع الكخيا وهو مسجد من آثار العصر العثماني تم بناؤه في منتصف القرن الثامن عشر الميلادى بناه الأمير عثمان كتخدا أحد أمراء المماليك في ذلك الوقت وكان قد تقلد العديد من المناصب وله صيت وشهرة وقام بإنشاء العديد من المنشآت الدينية وأوقف الكثير من أملاكه لزوم الصرف عليها وعمارتها وصيانتها والمسجد ينكون من صحن أوسط تحيط به 4 ايوانات أكبرها إيوان القبلة المكون من 3 بواكي محمولة علي أعمدة موازية لجدار القبلة وواجهات المسجد الأربعة تتميز بالزخارف البديعة وللمسجد مئذنة ذات قطاع دائرى علي حطتين الحطة العليا منهما قطرها أقل من قطر الحطة السفلية وتنتهي المئذنة برأس مخروطية ونلاحظ أن طراز عمارة هذا المسجد والأسلوب الذى بني به هو الطراز والأسلوب اللذين اتسمت بهما عمارة العصر المملوكي بوجه عام …..
كما يشتهر الشارع حاليا بتوكيﻻت ومتاجر ومحال إستيراد وبيع وصيانة المعدات واﻵﻻت الﻻزمة لورش النجارة والحدادة والكريتال واﻷلومنيوم والرخام سواء المعدات والآلات الثقيلة مثل المخارط والمثاقب والمناشير والمقصات وماكينات التقطيع الكبيرة أو المعدات والآلات الخفيفة مثل ماكينات جلي الرخام ومناشير الصينية ومعدات التقطيع والتخريم الصغيرة ولذا يفد إليه أصحاب المصانع والورش التي تمارس هذه الأنشطة علي الدوام بأعداد كبيرة ومن جميع أنحاء محافظات مصر
وجدير بالذكر أنه تكريما للبطل والقائد المغوار إبراهيم باشا ففي عهد الملك فاروق وبمناسبة مرور 100 عام علي وفاته تم إصدار طابع بريد تذكارى عام 1948م يحمل صورته كما أمر الملك فاروق ببناء مسجد يحمل إسمه قرب محطة الرمل بكورنيش الإسكندرية وبالفعل تم البناء ومما ينفرد به هذا المسجد وجود ساعة في مئذنته ويعد هذا المسجد حاليا من أهم مساجد الإسكندرية وله شهرة كبيرة في إحياء ليالي شهر رمضان بصلاة التراويح كما أضيفت إليه دار للمناسبات تتم بها المناسبات الإجتماعية للكثير من أهل الإسكندرية مثل عقود الزواج وشعائر الجنائز وخلافه